تناولت دور مراكز الدراسات في دعم ثقافة التنوع والحوار
مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان ينظم ندوة علمية في جامعة قطر
في إطار فعالياته وأنشطته التثقيفية، نظم مركز الدوحة لحوار الأديان، بالتعاون مع جامعة قطر، محاضرة علمية بعنوان “دور مراكز الدراسات والأبحاث في بناء قواعد ناظمة وآليات داعمة لثقافة التنوع وإدارة الاختلاف .. مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان نموذجا”، قدمها الدكتور مصطفى الحكيم المنسق العلمي بمركز ابن غازي للأبحاث والدراسات الاستراتيجية في المملكة المغربية.
وتضمنت المحاضرة، 4 محاور أساسية، وهي أولا- ثقافة التنوع والاختلاف وما يتعلق بها من سياقات وإشكالات وقضايا، ثم توقف الباحث مع مراكز الدراسات والأبحاث من حيث المفهوم والرسالة، كما ركز المحاضر على القواعد الناظمة لفقه التنوع وإدارة الاختلاف، وتناول تجربة مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان وأبرز إنجازاته والمحطات الهامة التي مر بها المركز منذ تأسيسه، كمثال على دور مراكز الدراسات والأبحاث في دعم ثقافة التنوع والاختلاف.
وخلال حديثه حول ثقافة التنوع والاختلاف، أكد د. مصطفى الحكيم على أهمية الاتفاق على الأصول التي تجمع البشر جميعا، وتساءل قائلا: ما دام أن البشر يندرجون ضمن أصل واحد، وترجع أصولهم إلى أب واحد، وأم واحدة، أفلا يكون ذلك أدعى لتسيير العلاقات بينهم على قواعد الاحترام المتبادل، والإحسان استحضارا لهذا الأصل الجامع، وإن اختلفت التوجهات والمعتقدات، وتباينت المنطلقات، وتعددت الآراء والأفكار.
وقال الحكيم أيضا: ونحن أحوج ما نكون إلى مؤسسات بحثية تعنى بثقافة التعدد والاختلاف في هذا العصر، الذي يعيش إنسانه ويلات تطرف يجنح به إلى التقاتل والتصارع والبغضاء، ويقطع بما استنبطه بعقله المريض، وفكره السقيم جسور المحبة الإنسانية، والتواصل الفطري، مؤكدا على أهمية إرساء أسس التواصل الفاعل الباعث على احترام الآخر، وتقبل وجوده، واحترام معتقده، وتسيير العلاقات بين البشر على مدارج الخدمة والتسخير والتعاون.
وقال أيضا: من شأن هذه الثقافة المبنية على التنوع والتعدد، أن تساهم في تحصين إرادة الاختلاف من المصادرة والتضييق والمنع، وضمان حق الآخر في أن يكون مستقلا بذاته، متفردا برأيه، متميزا عن غيره في الفكرة أو السلوك أو الاعتقاد، دون وصاية تثقل دنيا الناس بقيود ظالمة، وتكبل العزائم الحرة، والضمائر الثائرة، والإرادات المستقلة، وتقتل روح الإبداع، وتخمد طاقة العقل، وتشل آلة التفكير، ليمسي الواقع الإنساني -تبعا لذلك- بلقعا مقفرا مفتقرا لما يجدد حياة الإنسان، ويطور معاشه.
وأشار د. مصطفى الحكيم إلى أنه لم تكن الحرب في تاريخ العهدين النبوي والراشدي مقصدا أصليا، أو غاية مرجوة، بل كانت ضرورة واضطرارا، كما قال : أخوة الإنسان للإنسان أصل ثابت، ومَعْلم راسخ في تعاليم الإسلام، بالنظر لانتسابهم إلى أب واحد وأصل واحد، ورجوعهم في الخلق والنشأة والتسوية إلى خالق واحد، ورب واحد، وإله واحد.
وأكد المحاضر، خلال حديثه عن تجربة مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان، على الأثر البالغ والدور الاستراتيجي لمراكز الدراسات والأبحاث، ومعاهد التفكير في توجيه السياسات، وتقديم الإجابات، وطرح البدائل، وتشخيص المشكلات.
ودعا إلى ضرورة العناية بها، وإحاطتها بإطار تشريعي وقانوني يحفظ وجودها، ويقوي فعاليتها، ويضمن استمرارها، ويمنحها فضاء للممارسة الحرة، والنظر المجرد عن القيود البيروقراطية والسياسية، والمصالح الاقتصادية والمالية.