ضمن احتفالات اليوم العالمي للسلام، شارك مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان في الجلسة النقاشية التي نظمتها بيوت الشباب القطرية تحت شعار “استيقظ على عالم أفضل ” ، وجاءت مشاركة المركز عن طريق سعادة الدكتور إبراهيم بن صالح النعيمي رئيس مجلس الإدارة، والذي كان أحد المتحدثين الرئيسيين في الندوة، والتي شهدت مشاركة كبيرة من الشباب والخبراء والمهتمين.
وفي مداخلته بالندوة، قال الاستاذ الدكتور ابراهيم بن صالح النعيمي رئيس مجلس إدارة مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان : لا شكَّ أن (الدين) المصدرُ الأول لجميع القيم الإنسانية، والتي من أهمها (السلام)، فالسلام يعد حجر الزاوية الرئيسي في كافة التعاليم الدينية، وحفظ كرامة الإنسان ونفسه وماله وعرضه ودينه هي الركيزة الأولى المـُقدَّمة على كل شيء.
ولذلك كانت التعاليم الدينية سابقة على كل القوانين والمواثيق التي وضعها الإنسان لتحقيق السلام، فعلاقة الإنسان بأخيه الإنسان المبنية على المحبة والسلام والأخوة هي جوهر الدين وأساسه، وأصلٌ مهم من أصوله؛ فقد خلقنا الله جميعا واختارنا بشرًا لإعمار هذه الأرض، ولا يكون ذلك إلا بسلام أهلها، ولهذا كان السلام من أهم القيم الإنسانية والدينية.
وأشار النعيمي لعدد من النصوص التي أكدت على مفهوم السلام، والرحمة، قائلا : الله سبحانه وتعالى سمَّى نفسه في القرآن الكريم السلام، فقال في سورة الحشر:”هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ”. وفي سورة الأنبياء ربط الله تبارك وتعالى رسالة سيدنا محمد بالرحمة “وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ”.
وعن دور مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان في نشر ثقافة السلام، قال الدكتور إبراهيم النعيمي: مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان يعدُّ المؤسسة الممثِّلة لدولة قطر المعنية بالحوار بين الأديان والثقافات، ونحن نؤمن أن بناء الأمم يبدأ ببناء الإنسان، وهذا البناء يتم من خلال التعاون مع أخيه الانسان؛ لبناء مجتمعٍ قائمٍ على الاحترام المتبادل والعيش المشترك بوئام وتجانس مهما اختلفت الأديان والثقافات والأعراق، خاصة وقد أصبح العالم اليوم قريةً واحدة، ومصيرُ سكانها مترابطًا ومتداخلًا؛ بحيث أنّ ما يجري في شرق العالم له صدًى في غربه والعكس، وذلك بسب انحسار المسافات وانتشار لغة تكنلوجيا المعلومات ووسائل التواصل الاجتماعي.
وأكد النعيمي على أهمية الحوار لتعزيز السلام، قائلا : ومن أجل تعزيز ونشر ثقافة السلام اتخذ مركز الدوحة لحوار الأديان رسالةً رئيسيةً له يعمل على تحقيقها وهي الحوار بين أتباع الأديان؛ من أجل فهمٍ أفضلَ للمبادئ والقيم والتعاليم الدينية؛ لمعالجة القضايا والمشكلات التي تهم البشرية، انطلاقًا من الاحترام المتبادل والاعتراف بالآخر، وهذا في الحقيقة يعكس رؤية قطر في علاقاتها مع غيرها من الدول والشعوب، وفي معاملة كلِّ من يعيش على أرضها من مقيمين؛ بالاحترام لهم ولدينهم وممارسة شعائرهم الدينية بكل اطمئنان وراحة بال، هذا بالتأكيد بما لا يُسيء إلى تعاليم الدين الاسلامي الحنيف وعادات وتقاليد دولة قطر.
كما طالب النعيمي بضرورة التنسيق بين المؤسسات محليا ودوليا لتعزيز ثقافة الحوار والسلام، وذكر أمثلة لجهود المركز في ذلك، قائلا : السلامُ- ولا شكَّ- مطلبٌ إنساني، سواء السلام الشخصي أو المجتمعي أو الدولي، ولذلك فكلٌّ منَّا لا بد أن يكون له دور في تحقيق السلام، وإيجاد كافة السبل التي تصل بنا إلى هذه الغاية.
وعلى المستوى المؤسسي فمركز الدوحة الدولي لحوار الأديان يعمل على المستويين الدولي والمحلي من خلال الشراكة مع المراكز والمؤسسات الثقافية سواء كانت المدنية المستقلة أو الحكومية التابعة لجامعات أو مؤسسات دولية، وقد نتج عن ذلك إقامة العديد من المؤتمرات والندوات مع هذه المراكز والمؤسسات في دولها إما بمشاركة أو دعم وتمويل من المركز، كما يعقد المركز محاضرات سنوية في هذه الجهات.
وأعرب الدكتور النعيمي عن أمله أن تستمر بيوت الشباب القطرية في نهجها الراعي والداعم لكافة الجهود التوعوية والتثقيفية لخلق جيل محب للسلام وقادر على نشر ثقافته وتحقيق مفاهيمه محليًا وعالميًا.
وختم رئيس مجلس إدارة مركز الدوحة لحوار الأديان كلمته، قائلا : أخيرًا فإنني أتمنى من الشباب أن يكون السلام بالنسبة لهم منهجًا لتفكيرهم، وطريقًا لأفعالهم وعملهم، وعبادةً يتقرَّبون بها إلى ربهم، ولن يكون كذلك إلاَّ بالفهم الصحيح للدين بأنه فضاء رحب للمحبة والسلام، وليس دعوة إلى الكراهية والحروب.
وإلى جانب الدكتور إبراهيم النعيمي، شارك في الندوة، الدكتور محمد بن غانم المعاضيد رئيس مجلس إدارة الهلال الأحمر القطري، وسعادة الوزير المفوّض عبد الله بن أحمد السادة عضو أمانة سر اللجنة القطرية لتحالف الحضارات، وأدارت الندوة الدكتورة حنان الفياض عضو هيئة تدريس بجامعة قطر.