16 سبتمبر قضايا هامة امام مؤتمر الدوحة السابع لحوار الاديان
تستضيف دولة قطر يومى العشرين والحادى والعشرين من شهر أكتوبر المقبل مؤتمر الدوحة السابع لحوار الاديان تحت شعار “التضامن والتكافل الانساني”.
كانت دولة قطر قد استضافت مؤتمرات حوار الاديان على مدى الخمسة سنوات الماضية حيث اقتصر المؤتمر الأول والثانى على أتباع الديانتين الاسلامية والمسيحية لكن اعتبارا من المؤتمر الثالث أصبح المشاركون من أتباع الديانات السماوية الثلاث وهى الاسلام والمسيحية واليهودية .
وقال الدكتور ابراهيم صالح النعيمي مدير مركز الدوحة الدولى لحوار الاديان فى حديث خاص لوكالة الانباء القطرية أن اختيار موضوع “التضامن والتكافل الانسانى” عنوانا لمؤتمر حوار الاديان السابع يستهدف تسخير الشعار فى مواجهة المشكلات والكوارث التى تحدث فى العالم بأسره وتعزيز القيم الروحية والتضامن انطلاقا من دور قطر الرائد نحو تعزيز الامن والسلم العالميين وتحقيق التآخي والالفة بين الشعوب .
وقال أن قطر بقيادة حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة ال ثانى أمير البلاد المفدى والقيادة الرشيدة ملتزمة نحو المجتمع الدولى بهذه القضايا الانسانية الحيوية وحريصة على الانفتاح على العالم والمشاركة فى حوار الثقافات والحضارات الذى تضطلع فيه صاحبة السمو الشيخة موزة بنت ناصر المسند بدور رائد ومشرف .
وأكد مجددا أن قطر منفتحة على العالم وأن المؤتمرات المتنوعة التى تعقد على أرضها هى خير برهان على ذلك .. وشدد على أن قطر أصبحت أحد المراكز العالمية والمحطات المهمة فى اتخاذ القرارات لصالح الانسانية جمعاء. وقال أننا سعداء بذلك وحريصين من خلال عقد هذه المؤتمرات وبتضافر الجميع على استمرار هذه النجاحات .
كما أكد على أن المؤتمر أصبح حدثا دوليا هاما يشارك فيه علماء ومفكرون ومختصون وأصبح ملتقى ومنبرا للحوار البناء والتشاور والاستماع للاخر فى قضايا انسانية تمس المجتمع الدولى ولا تتطرق الى المعتقدات .. مشيرا إلى أن 250 شخصية عالمية من خارج دولة قطر سيشاركون فى المؤتمر .
ونوه الدكتور النعيمى أن من بين المشكلات التى تم اختيارها ليبحثها اتباع الديانات الاسلامية والمسيحية واليهودية خلال جلسات الحوار والنقاش الازمة الاقتصادية العالمية بينما سيتناول المشاركون فى محور الكوارث قضايا التصحر والمجاعة والجفاف والكوارث الطبيعية كالزلازل فضلا عن الكوارث الانسانية التى مصدرها الحروب والنزاعات المسلحة بجانب عرض لقضية الاساءة إلى الرموز الدينية والمعتقدات .
وأوضح أن اليوم الاول سيخصص بكامله لمحور الكوارث الطبيعية حيث يشارك بجانب أتباع الديانات الثلاث، مختصون فى علم ومجال الكوارث حيث وجهت الدعوة بهذا الصدد لى نائب الأمين العام للامم المتحدة للكوارث الطبيعية والانسانية والأمين العام للهلال الأحمر الدولى والأمين العام للصليب الأحمر الدولى إضافة إلى متحدثين من الدول العربية والاسلامية وأوروبا والولايات المتحدة الامريكية .. لافتا إلى أن كل محور من محاور المؤتمر سيثرى نقاشاته تمثيل متنوع لشخصيات مرموقة ومتخصصة .
وفى سياق متصل، بيّن رئيس مركز الدوحة الدولى لحوار الاديان فى حديثه أن المنظمين سيعرضون أمام الحضور تجارب إنسانية فى مواجهة الحروب والكوارث حيث سيتحدث مفتى رواندا السيد صالح حبيب عن الحرب الأهلية التى عصفت ببلاده قبل سنوات وراح ضحيتها مجموعات غير مسلمة من قبائل الهوتو والتوتسي ودورهم كمسلمين هناك فى إطفاء الفتنة والحد من أثارها وأخطارها بتحقيق الوئام والسلم الاجتماعى .
كما وجهت الدعوة الى جورج غالوي عضو البرلمان البريطانى والناشط فى مجال حقوق الانسان ليتحدث فى ذات الموضوع خاصة وأن له دور كبير أبان الحرب على غزة وفى توصيل وإدخال المساعدات للمتضررين فى القطاع .. منوها أن المؤتمر ومن خلال مثل هذه العروض سيعطى نماذج لمسلمين ساعدوا مسيحيين و مسيحيين ساعدوا مسلمين فى أوقات الحروب والازمات والكوارث .
وحول فعاليات اليوم الثانى والأخير للمؤتمر فى الحادى والعشرين من أكتوبر، قال الدكتور إبراهيم النعيمى أن المشاركين سيركزون خلال جلسات العمل والحوارات والمناقشات نحو إيجاد رؤية عالمية تجاه الأزمة المالية التى هزّت العالم وذلك من وجهة نظر دينية بالسماع لأراء أتباع الديانات الثلاث فى هذا الجانب وطرح الرؤى والأفكار لايجاد حلول لها من خلال تناول أسبابها وكيفية تجاوزها .
وتابع قائلا فى هذا الصدد: “لا بد من وجود الوازع الدينى فى التعامل مع مثل هذه القضايا بغض النظر عن أى دين .. لقد زادت البطالة والفقر فى العالم بسبب هذه الازمات بسبب الجشع والاستغلال غير السليم للموارد والانسان وعلى علماء الدين ان يقولوا رأيهم فى ذلك.”
وقال أن هذا المحور سيشارك فيه بالنقاش أيضا خبراء من البنك الدولى والمؤسسات الدولية ذات العلاقة والجامعات ليتوصلوا من خلال النظرة والتحليل العلمى مع أهل الاختصاص من الاقتصاديين إلى الحلول المرجوة .. فيما سيطرح أتباع الديانات الثلاث فى جلسة أخرى مقترحاتهم لإيجاد حل للازمة المالية العالمية من وجهة نظر دينية حتى لا تتكرر مستقبلا .
وفى حين جرى التطرق فى السابق لقضية الاساءة الى الرموز المقدسة، قال الدكتور إبراهيم النعيمى أن المؤتمر سيتناول هذه المرة قضية الدفاع عن الأماكن المقدسة والتى يتعين على أتباع الديانات الثلاث أن يتضامنوا كبشر للدفاع عنها مع وجود قدسية لكل منهم لأمكان مقدسة تخصهم: “فلا بد من التضامن للدفاع عن الحقوق والحريات الدينية واقتراح الحلول لكيفية الدفاع عن هذه الحريات حتى يمارس الأتباع دياناتهم بحرية تامة وفى أي مكان .”
من الأمور الجديدة فى المؤتمر نوه رئيس مركز الدوحة الدولى لحرية الاديان أن الجلسة الأخيرة للمؤتمر ستكون فى شكل طاولة مستديرة يشارك فيها طلاب مسلمون ومسيحيون .. يتناقشون ويوضحون أراءهم بشأن التضامن الانسانى فى مواجهة الأزمة المالية العالمية .. مشيرا إلى أن هؤلاء الطلبة سيصبحوا مستقبلا قادة ومسئولين ولابد لهم من رؤى وأفكار حول هذه المسائل المهمة والحيوية حتى لا تتكرر .
كما يشارك فى مناقشات الطاولة المستديرة من ناحية أخرى اعلاميون ومراسلون لعدد من القنوات الفضائية منها “الجزيرة” ليقولوا رأيهم فى مسائل ومشاكل الحروب والكوارث الطبيعية التى يغطون أحداثها لا سيما وأن الاعلام أداة قوية لتبيان هذه الأزمات وبالتالى مساعدة المتضررين منها وتوصيل رسالة بهذا الصدد لمتخذي القرار .
وحول الجدوى من الحوار مع وجود من يشككون فى نتائجه فى أى وقت ومكان يعقد فيه، قال الدكتور النعيمى إن استمرار عقد مؤتمرات الحوار بالدوحة يعنى أنها قد حققت نجاحات .، ونبه إلى أنه فى حال عدم عقدها فالبديل هو اما الصمت أو الصراع . ورأى أن الصمت لن يحرك أي مياه راكدة بينما يفاقم الصراع من المشاكل .
ومضى قائلا: “يجب أن نمضى ونبني، ولا يتوقع أن العلاقات المتوترة على مدى سنوات وعقود يمكن أن تنتهى بسرعة، لكن علينا أن نساهم ونتابع ، فالعلاقة بلا شك ستكون أفضل بين أتباع الديانات فى حال استمرار الحوار والتواصل من عدمه “.
ودحض الدكتور النعيمى فى حديثه أى إتهامات أو مقولات تشير إلى أن المسلمين لا يقبلون بالحوار ولا يفضلونه، ولفت إلى انه ومن خلال مركز الدوحة الدولى لحرية الاديان ثبت بالدليل القاطع أنها مقولات خاطئة خاصة وأن ديننا الاسلامى الحنيف يحثنا على المجادلة والحوار بالتى هى أحسن . وقال إن الكثير من الأيات القرانية والاحاديث النبوية تؤكد ذلك, فديننا هو دين الوسطية ويحترم أتباع الديانات الأخرى وأن الأنبياء السابقين هم أنبياؤنا ونحن نؤمن بهم وبالتالى يمكننا القول أن لا حساسية لدينا تجاه قضية الحوار بندية وعلى مستوى واحد .”
واستطرد: “عندما نعرض ديننا فاننا نعرضه بالحوار وهو دين يدعو للحوار والمساواة ولا يفرض شيئا أو يكره عليه وهذا أمر مطلوب من أتباع الديانات الأخرى .. كما أنه لا يجوز ربط الدين بتقديم المساعدات .”
وأكد أن مركز الدوحة الدولى لحوار الاديان وبدعم من القيادة الرشيدة، حريص على استمرار عقد مل هذه المؤتمرات الحوارية حتى تحقق أهدافها ضمن رسالته والغايات النبيلة التى من أجلها أنشىء .. مشيرا إلى أن معظم المشاركين من أتباع الديانات الثلاث عندما يرجعون إلى بلدانهم يكتبون فى وسائل إعلامهم المقروءة والمكتوبة والمسموعة وغيرها عن المؤتمر وعن العلاقات بين هؤلاء الأتباع مما يساهم فى تحسين أجواء الحوار وتقريب وجهات النظر .
ومضى إلى القول: “أننا لا نستعجل النتائج ولا نرى أن ما نفعله غير مجدى وبالذات عندما يشارك الشباب فى هذه الحوارات ويعرضوا أفكارهم ورؤاهم حول مستقبل العلاقات بين أتباع الدديانات الثلاث بصورة واضحة فى كل القضايا محل الخلاف او القواسم المشتركة وهو أمر يثلج الصدر ويبعث على الارتياح.”
وأعرب الدكتور النعيمى عن الأمل ألا ينتهى الحوار والحديث فى أروقة المؤتمر بختام أعماله, بل أن تنقل المحصلة إلى جهات أخرى كما حدث فى موضوع الاساءة الى الرموز الدينية حين أصدرت الامم المتحدة التشريعات التى تحمى هذه الرموز.
وردا على سؤال حول أنشطة المركز الأخرى, أوضح رئيسه أنه يجري الاعداد حاليا لاصدار مجلة علمية بعنوان “أديان”، يتوقع أن تصدر خلال مؤتمر الدوحة السابع لحوار الاديان فى أكتوبر المقبل إضافة إلى العديد من الانشطة والندوات وورش العمل التى ينظمها داخل وخارج قطر .
تجدر الاشارة إلى أن مناقشات وحوارات المؤتمر تمحورت فى دوراته الاولى من 2003 الى 2006 حول دور الدين في بناء الحضارة وبناء الانسان بينما حمل المؤتمر الخامس عنوان القيم الروحية والسلام العالمي، ودارت نقاشاته حول ضرورة توحد الاديان في مواجهة الاخطار الكبيرة المحيطة بالعالم. وكان من أهم ما خرج به هذا المؤتمر إنشاء مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان لنشر ثقافة الحوار والتعايش السلمي وقبول الاخر. وتبع إنشاء المركز تعيين مجلس إدارة له برئاسة الدكتور ابراهيم النعيمى وكذا مجلس إستشاري عالمى له .
أما المؤتمر السادس العام الماضى فحمل عنوان (القيم الدينية بين المسالمة واحترام الحياة) . وناقش جملة من القضايا والمحاور منها الحياة وقيمتها والعنف والدفاع عن النفس والمسالمة بين الاديان والموت الرحيم والسريري وموضوع الاساءة للرموز الدينية من منظور الديانات الثلاث . وركز المشاركون والمنظمون على اهمية التوصل إلى قواسم مشتركة ورغبة حقيقية في ارساء دعائم السلم العالمي .
ويهدف المركز الذى أفتتح رسميا فى 14 مايو 2008م ، إلى أن يكون منتدى لتعزيز ثقافة التعايش السلمى والحوار وتفعيل القيم الدينية لمعالجة القضايا والمشكلات التى تهم البشرية وتوسيع مضمون الحوار ليشمل الجوانب الحياتية المتفاعلة مع الدين اضافة إلى توسيع دائرة الحوار لتشمل الباحثين والاكاديميين والمهتمين بالعلاقة بين القيم الدينية والقضايا الحياتية وأن يكون بيت خبرة يوفر معلومات علمية وتعليمية وتدريبية فى مجاله .
(قنا)
Sorry, the comment form is closed at this time.