تم في الثالث عشر من أغسطس 2017م مناقشة أول رسالة ماجستير حول مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان، بكلية الدراسات الإسلامية بجامعة حمد بن خليفة، ضمن برنامج ماجستير مقارنة الأديان، وعنوانها: (جهود دولة قطر في مجال حوار الأديان- مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان نموذجًا).
وقُدمت الرسالة من الطالبة هند محمد أحمد الحمادي، بإشراف الدكتور بدران مسعود بن لحسن والدكتور إبراهيم محمد زين، وترأس لجنة المناقشة الأستاذ الدكتور محمد خليفة، وشارك في المناقشة الأستاذ الدكتور أحمد محمد هويدي أستاذ مقارنة الأديان جامعة القاهرة والأستاذ الزائر بجامعة حمد بن خليفة سابقًا.
وتم إجازة الرسالة مع التوصية بالنشر.
وجاءت هذه الرسالة كدراسة تحليلية ونقدية، لتحليل جهود دولة قطر في مجال حوار الأديان، واختصت بمركز الدوحة الدولي لحوار الأديان من خلال تتبع الأوراق المقدمة في مؤتمرات حوار الأديان الدولية التي يعقدها المركز منذ افتتاحه في عام 2007م، وهذه المؤتمرات تمثل الملتقى الدوري الفكريّ والتشاوري بين المفكرين ومُمثِّلي الأديان الرئيسية (الإسلام والمسيحية واليهودية) بالإضافة إلى كوكبة مختارة من علماء الاديان والأكاديمين ورؤوساء مراكز حوار الأديان من مختلف أنحاء العالم.
وتهدف الرسالة إلى دراسة وإحصاء مصطلح الحوار ودلالاته وأهدافه في البحوث المقدمة في تلك المؤتمرات للوقوف على مدى تطور المصطلح مع خط سير المؤتمرات، وتركَّز السؤال الأساسي الذي تحاول الدراسة الإجابة عليه حول ما مدى تطور الحوار بأهدافه ومفهومه ونتائجه، وترسيخه لأهداف المركز من خلال الأوراق التي ركزت عليه الدراسة، كما أثارت الباحثة عدد من الأسئلة الفرعية المتعلة بالموضوع.
وتميزت هذه الدراسة كأول بحث يطبق برنامج إنفيفو 11 (NVivo 11) ، أحد البرامج الداعمة للبحوث الكمية والكيفية.
وقد جاءت الدراسة في مقدمة: وثلاثة فصول وخاتمة وتوصيات، وكان من أبرز نتائجها وجود تطور دلالي لمفهوم الحوار في أوراق المؤتمرات موضع البحث؛ حيث اتسعت مفاهيم الحوار ومدلولاته في الغالب، وركزت أوراق أخرى على ضرورته وأهميته، وقد خلصت الرسالة إلى مجموعة من التوصيات التي تراها الباحثة ضرورية لتحقيق أهداف مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان، ومنها توسيع المشاركات من حيث الكيف لا من حيث الكم بحيث تدخل مشاركات جديدة في المؤتمرات تمثل التخصصات العلمية، وكذلك الانتقال من السياق النظري للتطبيقي بتفعيل المبادرات الفردية للشخصيات والمؤسسات والوزارات التي تخدم فكرة الحوار، كما اقترحت الباحثة فكرة إنشاء (الاتحاد العالمي لحوار الأديان).
وفي نهاية المناقشة أثنت لجنة المناقشة على الجهد الذي بذلته الباحثة، خلال دراستها الفريدة، والتي تسلط الضوء على جهود مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان، أحد أهم المراكز الرائدة المتخصصية في الحوار على مستوى العالم العربي. كما أوصت بنشر الرسالة.
وفي تصريح للأستاذ الدكتور إبراهيم النعيمي رئيس مجلس إدارة مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان قال: “نهنئ الباحثة على هذا الإنجاز المتميز الذي استحقت به نيل درجة الماجستير في مقارنة الأديان، وسعادتنا بنجاح هذه الرسالة لا يأتي فقط من كونها الدراسة الجامعية الأولى حول مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان، وإنما لأسباب أخرى أيضا منها أنها تجسيد لأن شباب الدارسين صار يعي أهمية الحوار وضرورته ودوره الرئيسي في حل كافة القضايا والأزمات، والحقيقة أني أشهد لهذه الباحثة بالتميز والمثابرة في البحث العلمي، والحرص على جمع المعلومات ليس فقط من المصادر والمراجع، وإنما من التواصل المباشر مع المركز بصورة تكاد تكون يومية، ولذلك جاء بحثها على هذه الصورة المشرفة واستحقت النجاح، وتوصية لجنة المناقشة بنشر الرسالة، وهذا ما يؤكد مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان أنه على استعداد وترحيب تام بطباعة ونشر الرسالة بعد إضافة الباحثة للتعديلات والتوجيهات التي ذكرها المناقشون للرسالة”.
وفي تصريح للباحثة هند الحمادي قالت: “بدأت قصتي مع حوار الأديان، مع التحاقي ببرنامج مقارنة الأديان بكلية الدراسات الإسلامية بجامعة حمد بن خليفة، الذي يتيح لك التعرف على أديان العالم وعقائده وثقافاته، ويفتح أمامك آفاقا للتواصل مع الآخر، والتحاور معه، والجدال بالتي هي أحسن. وازداد تعلقي بموضوع الحوار بين أتباع الأديان، خلال دراستي لمقرر يتناول هذا الموضوع بالتحديد، وكانت محاوره في غاية الأهمية، حيث وقفنا طوال فصل دراسي كامل على تفاصيل مثيرة متصلة بتاريخ الحوار بين الأديان، وأهدافه، ومراميه وغاياته، ومعوقاته، ودواعيه، ووسائله، وأنواعه،إلى جانب الوقوف على رأي الإسلام في مثل هذه الحوارات بين أتباع الأديان لا سيما الأديان السماوية الثلاثة الإسلام والمسيحية واليهودية، واطلعنا على تجارب ثرية في هذا المجال يزخر بها تراثنا الإسلامي.وكان الجزء الأهم في المقرر هو جانبه العملي حيث حرص البرنامج على مشاركتنا في أعمال المؤتمر الثاني عشر لمركز الدوحة الدولي لحوار الأديان الذي كان بعنوان (الأمن الروحي والفكري في ضوء التعاليم الدينية)، وهنا اكتشفت أهمية مثل هذه المؤتمرات التي تناقش موضوعات تهم االبشرية، والتي يتم تناولها من منظور كل دين، للتوصل إلى نتائج وتوصيات مشتركة،تصب في خدمة قيم العدل والسلام والتعايش والحرية “.
وأضافت الباحثة: “خرجت من هذا المؤتمر بإيمان راسخ بأهمية الدور الذي يقوم به بلدي الحبيب قطر في سبيل ترسيخ قيم السلام والمحبة والتعايش بين البشر، وأدركت أن هذا يندرج في إطار رؤية متكاملة للقيادة السياسية، والحكومة الرشيدة، هدفها تعزيز قيم السلام والأمن في العالم. وبناء على كل هذه المعطيات، وكمواطنة قطرية قررت المساهمة في هذا المجال من خلال كتابة رسالة الماجستير عن دور دولة قطر في حوار الأديان، متخذة من مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان نموذجا، نظرا للجهد الجبار الذي يقوم به في التحضير لهذه المؤتمرات، وإخراجها شكلا ومضمونا بصورة تليق بمكانة قطر، ودورها على الصعيد العالمي”.
وعند سؤال الباحثة عن مرحلة كتابة الرسالة والصعوبات التي واجهتها قالت: “لا شك أن مرحلة كتابة الرسالة كانت مرحلة ثرية، فقد فتحت عيني على دور جبار لبلدي قطر على صعيد ترسيخ قيمة الحوار في مختلف المجالات والاتجاهات، فالحوار تؤمن به قطر وتدعو إليه وتمارسه، على صعيد سياستها المحلية، وعلاقاتها الخارجية، ومساهماتها الدولية في حل النزاعات، وتحقيق السلام والاستقرار. وإني ليحدوني الأمل أن يواصل مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان دوره الهام في تعزيز الحوارات بين أتباع الأديان، لتفعيل دور قادة الأديان والمؤسسات الدينية في مواجهة مختلف التحديات الإقليمية والعالمية الراهنة، وانتهاج أساليب أكثر إبداعا، لتحويل مخرجات مؤتمرات المركز من توصيات ومقترحات ومبادرات إلى برامج عمل تجني البشرية ثمارها، وهذا ما أكدت عليه في مقترحات وتوصيات رسالتي. وأتقدم بجزيل الشكر لأساتذتي الكرام في كلية الدراسات الإسلامية، على دعمهم لي، ومساندتي خلال هذه الرحلة، وأخص بالذكر، الإستاذ الدكتور إبراهيم محمد زين، والدكتور بدران بن لحسن، كما أشكر مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان ممثلا بالاستاذ الدكتور إبراهيم النعيمي على كل ما قدمه لي من تسهيلات، وما أتاحه لي من معلومات، وما زودني به من وثائق وبيانات، أثرت رسالتي وأخرجتها بهذه الصورة.كما أشكر كل العاملين بالمركز الذين كان تعاونهم غير محدود، وشرفوني بالحضور خلال المناقشة، وأخص بالذكر، الدكتور أحمد عبدالرحيم، والدكتور محمادي علي”.
والجدير بالذكر أن مركز الدوحة الدولي يعد المؤسَّسة الرائدة في قطر المعنية بالحوار بين الأديان والثقافات، وبناء القدرات في مجال الحوار وثقافة السلام، وينشط في مجال تخصصه، بالتعاون مع جميع المؤسسات ذات الصلة، على المستوى المحلي والإقليمي والدولي. فعلى المستوى المحلي ينظم المركز بانتظام دورات تدريبية للطلاب والمعلمين بالمدارس المستقلة والخاصة؛ بهدف تدريب على مهارات الحوار والتواصل مع الأديان والثقافات المختلفة، كما ينظم المركز محاضرات تثقيفية وطاولات مستديرة للجاليات المقيمة في قطر، بالإضافة إلى مجلة “أديان” الصادرة باللغتين العربية والانجليزية، والنشرة الدورية، والكتب المترجمة، والرسائل المختارة، والمطبوعات المتعلقة بأنشطة المركر، وهذا كله متوفر للباحثين والزوار، وذلك إلى جانب مكتبة تم افتتاحها العام الماضي متخصصة في دراسات مقارنة الأديان والحوار.
وعلى المستوى الدولي، نظم المركز ندوات تركزت على تعزيز ثقافة الحوار والتعايش السلمي، والتي عُقدت في كل من البوسنة وكوسوفو، كما يعتزم المركز تنظيم مؤتمرًا في أوكرانيا للقيادات الدينية خلال أكتوبر المقبل بعنوان: “دور القيم الدينية في تعزيز استقرار المجتمع ونشر ثقافة التعايش ونبذ الكراهية”، كما يجهز المركز في الفترة المقبلة لعدة أنشطة وفعاليات أهمها:الإعداد للمؤتمر الدولي الثالث عشر لحوار الأديان وعنوانه: (حقوق الإنسان في الأديان)، والذي سيعقد في يومي (20-21 فبراير 2018م).
وكذلك نعمل حاليًا على إقامة ندوة تتعلق بالظروف الإقليمية التي يمر بها الخليج وتحديدا أزمة الحصار، وسوف يتم تناول هذه القضية من الجانب التخصصي لمركز الدوحة الدولي لحوار الأديان ولذلك عنوانها: (دور الحوار في مواجهة الأزمات- أزمة الحصار نموذجا) وستكون في 25 سبتمبر 2018م. كما نستعد لاستقبال العام الدراسي القادم بإقامة الدورة التدريبية الثالثة لطالب المدارس وذلك لتعزيز قيمة الحوار لدى الأجيال الجديدة، وتنمية أدواته.