15 أكتوبر بالتعاون مع الملتقى القطري للمؤلفين مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان عقد ندوة افتراضية
في إطار جهود وزارة الثقافة والرياضة لتعزيز التصورات الكبرى وخاصة النظرة للآخر، عقد مركز الدوحة لحوار الأديان بالتعاون مع الملتقى القطري للمؤلفين مساء الثلاثاء 12 أكتوبر 2021م ندوة افتراضية بعنوان (حوار الأديان وترشيد الاختلاف في التعامل مع الآخر).
تم خلالها استضافة مجموعة من الأكاديميين والمفكرين والكتاب؛ لبيان مفهوم حوار الأديان وعلاقته بتحالف الحضارات، ونشأته كمصطلح، ومناقشة واقع ومستقبل مؤسسات ومراكز حوار الأديان التي فرضت تواجدها في العالم العربي تحديدًا، وفي العالم ككل، وسلطت الضوء على واقع التأليف ودور الكتاب والمؤلفين ومساهماتهم في نشر ثقافة الحوار الديني، وذلك من خلال محورين رئيسيين، وتم بث الندوة عبر قناة يوتيوب الخاصة بالملتقى .
وافتُتحت الندوة بكلمة مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان ألقتها الأستاذة الدكتورة عائشة المناعي نائب رئيس مجلس إدارة مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان ومدير مركز محمد بن حمد آل ثاني لإسهامات المسلمين في الحضارة- كلية الدراسات الاسلامية- جامعة حمد بن خليفة التي قالت: “إن مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان منذ تأسيسه في عام 2007 دأب على طرح العديد من الموضوعات المتعلقة بالحوار وآدابه وأصدائه وأنواعه ومخرجاته، وتجارب الحوار حول العالم، سواء في مجال الأديان أو حتى الثقافات والحضارات؛ وهذا اقتداء طبيعي لتوجه دولة قطر الحديثة التي أسسها المؤسس الشيخ جاسم، وسار على نفس النهج حكام قطر السابقين حتى جاء سمو الشيخ الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني ووضع منهجًا للحوار ثم تبعه سمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني حفظه الله فعُقدت المؤتمرات وطُرحت القضايا سواء الإقليمية أو الدولية على طاولة الحوار في قطر في عدة مناسبات، ولعل من أهمها مؤتمر الدوحة الدولي لحوار الأديان، والذي عُقد منه ثلاثة عشر مؤتمرا دوليًّا حتى الآن. مشيرة أن حوار الأديان يعني قبل كل شيء الإيضاح وليس الجدل، التواصل لمعرفة الآخر، وليس لمواجهته ومعاداته، إنه حوارٌ عملي وواقعي يهدف إلى التعايش بين الناس بكرامة وعدل وأمن وسلام، حوارٌ ينظر إلى فرص التلاقي التي يمكننا من خلالها تجاوز التمييز بين بني الإنسان، ورسم معالم الطريق للحياة بمختلف مجالاتها على أسس من القواعد المشتركة بين الأديان”.
وأضافت: “نحن- المسلمين- نؤمن أنَّ قوةَ الإنسانِ الحقيقية تكمنُ في إيمانه؛ فهو جوهرُ هُويَّته، وعنوانُ انتمائه، ومصدرُ إحساسه بوجودِه وكينونته. وإن لم ينبع إيمان المرء من قناعة ذاتية فكرية وروحية فلا إيمان له، ولذلك كان الأصلُ الثابت في تعامل المسلم مع الآخر المخالف له في الدين والعقيدة يأتي من قولَ الله تعالى: ﴿لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾.
وقدمت الأستاذة مريم ياسين الحمادي المدير العام للملتقى القطري للمؤلفين كلمة الملتقى حيث قالت: “إن كلمة “السلام عليكم” التي نبدأ بها كل لقاء و كل اجتماع ليس مجرد لفظ أو كلمة للتحية بل هي محور ديننا الحنيف و منطلق فكرنا وغايتنا الأسمى، سلام في بيوتنا و في مجتمعاتنا وفي العالم أجمع. سلام دعانا إليه رسولنا الأكرم منذ بداية الدعوة للإسلام، سلام مع من اختلف معنا في الدين و العقيدة و الفكر والتوجه، و هذا السلام لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال الحوار و ترشيد الاختلاف في التعامل مع الاخر و هو ما أكدت عليه تصورات وزارة الثقافة و الرياضة التي تركز على الفرد من خلال نظرته للآخر، والمحافظة على كرامته،وأكدت أنه يمكن أن نختلف فيما نعتقد ولكن نتشارك أهمية احترام الآخر، ونتشارك الجهود لنبذ كافة أشكال التطرف الديني والدعوة المستمرة للتعايش السلمي في العالم و تطوير مجتمعاتنا عبر الحوار واحترام الآخر، وهو ما يؤكد زيادة التكاتف المجتمعي، أينما كان، و أنه لا يمكن الحديث عن نهضة فكرية و سلام مجتمعي دون الحوار بين الأديان، الموضوع القديم المتجدد.
ثم انطلقت بعد ذلك فعاليات الندوة التي انقسمت إلى جلستين، الجلسة الأولى: بعنوان واقع حوار الأديان، وأدارها المهندس مروان عواد الفاعوري أمين عام المنتدى العالمي للوسطية بالأردن، وشارك فيها كل من الدكتور محمد المختار الشنقيطي أستاذ الشؤون الدولية بجامعة قطر بورقة بعنوان حوار الأديان،المفهوم والنشأة والغاية، حيث عرَّف حوار الاديان بكونه البحث عن أرضية مشتركة بين البشر مع احتفاظ كل شخص بما يؤمن به من المعنى الكلي للوجود و مغزى الحياة ومراد الخالق من الخلق، مشيرًا إلى أنه من المهم التمييز بين حوار الأديان كأسلوب حضاري وبين التعددية الدينية والثقافية مؤكدًا على أن تقبل الاختلاف يبدأ برحلة البحث من منطلق الاعتقاد أن كل شخص يمكن أن يكون معتقده صحيحا وأن جميع الناس يؤمنون بطرائق مختلفة وأن المطلوب ليس الانصهار بين الأديان ولكن التعايش بين اعتقادات دينية وفلسفية مختلفة، مؤكدًا ضرورة البحث عن أرضية مشتركة بين المتحاورين ومؤكدًا كذلك على أن مفهوم حوار الأديان لدى المسلمين ظهر مع ظهور الإسلام؛ حيث أن الإسلام ارتبط بالديانات السابقة ولم يأتِ على أساس هدم ما مضى وإنما إكمال وتحسين الموجود، فرغم أن النبي صلى الله عليه و سلم غيَّر الأرض والتاريخ إلا أنه لبنة في صرح أسهم كل الرسل و الأنبياء في بناءه، وقال إنه نشر العديد من البحوث في هذا المجال كما أنه كان عضوًا في مركز حوار الأديان في ولاية تكساس الأمريكية، وهذا ما مكنه من الاختلاط بمجموعة كبيرة من المفكرين من أديان مختلفة وخلص إلى أن أفضل طريقة للحوار والتعايش مع الاخر هي التعامل بالتي هي أحسن وقبول معتقدات الآخرين التي يظنون أنها الصواب، لكن لا يجب أن تصل المجاملات إلى تبني أفكار متعارضة مع الدين مؤكدا أنه من الطبيعي أن يدعو كل شخص أصحاب الديانات الأخرى إلى دينه وأن هذه الدعوة لا تعني انقطاع الحوار.
وقدَّمت الدكتورة عائشة المناعي مدير مركز محمد بن حمد آلثاني لإسهامات المسلمين في الحضارة – كلية الدراسات الاسلامية- جامعة حمد بن خليفة ونائب رئيس مجلس إدارة مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان “إسهامات دولة قطر في مجال حوار الأديان وتحالف الحضارات، وقالت: إن كل شخص يرى أن دينه دين حق، لذلك لا يجب أن يدور الحوار حول مسألة الحق و استشهدت بقول الرسول الأنبياءُ إخوةٌ لعَلَّاتٍ؛ أمَّهاتُهُم شتَّى ودينُهُم واحدٌ، مؤكدة على أن دولة قطر كبيرة بطموح و رؤية قادتها و لم تعد مجهولة على مستوى العالم بفضل وقوفها إلى جانب الضعفاء ونصرة المظلومين و تعاونها مع الدول المؤمنة بحرية الإنسان و كرامته و نظرا لاحتضانها لما يقارب المليونين من المقيمين من كل أرجاء الأرض فأصبحت ملتقى للمعتقدات والثقافات واللغات المختلفة، وهي تجمُّع ثري، وقد حرصت الدولة على جعل هذا التنوع خصبًا واعتبرته مَعلمًا مهمًّا من معالم قطر الحديثة ومظهرا للانفتاح الثقافي و الحضاري؛ وهو ما جعلها تهتم بمسألة الحوار الذي يعتبر منهجا ثابتا في الإسلام ليس فقط في الدعوة إليه بل أيضا في التعامل مع أصحاب الديانات والثقافات المختلفة.
وقالت: إن الإسلام يؤمن بالحوار و يدعو له وأن الاهتمام بالحوار يأتي من سياسة قطر الحاضنة للثقافات المختلفة، ومن منطلق الفطرة الإنسانية السوية التي ترعى التعدد وتنادي بالنظر بعين الرحمة والمحبة للأخر مهما كان دينه، كما تدعو دولة قطر إلى ضرورة التقارب بين الأديان والثقافات لاجل التغلب على مشاكل الانسان المعاصر؛ لانه في حال غياب الحوار سيكون هناك صراع، و اضافت: إن دولة قطر اهتمت بالمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الانسان و تجلت هذه الجهود في تأسيس مركز الدوحة الدولي لحوار الاديان سنة 2007، وإقامة المؤتمر الدولي لحوار الاديان قبل إنشاء المركز، إضافة إلى إنشاء اللجنة الدولية لتحالف الحضارات التابعة لوزارة الخارجية سنة 2010 والتي تتعاون مع أمانة الأمم المتحدة، اضافة إلى إدخال مقررات دراسية جامعية فيما يتعلق بحوار الأديان وادخال مفاهيم التسامح و السلام في المناهج الدراسية في المراحل التعليمية المختلفة، وإنشاء مركز محمد بن حمد آل ثاني لإسهامات المسلمين في الحضارة” بكلية الدراسات الإسلامية في “جامعة حمد بن خليفة”،الذي يُعنى بترجمة أمهات الكتب الحضارية التي أبدعها علماء الإسلام في خدمة الإنسانية، إضافة إلى استضافة منتدى أمريكا والعالم الاسلامي سنويًّا الذي يعتبر مهرجانًا حاوريا، علاوة على حرصها على حل النزاعات الإقليمية والعالمية و هذا جهود ترعاها الدولة بعزم ويباركها الشعب القطري .
وقدم الدكتور فادي ضو مؤسس مشارك ومستشار في مؤسسة أديان (لبنان) وأستاذ باحث في جامعة جنيف بسويسرا المداخلة الثالثة في هذه الجلسة بعنوان مراكز حوار الأديان ودورها بين الواقع والمأمول، وقال: إن مراكز حوار الأديان حول العالم من مؤسسات و مبادرات تختلف كثيرًا في طبيعتها وأهدافها فهناك مراكز حكومية ودينية ومدنية وأكاديمية أو دولية، وهو ما يؤثر على أهدافها وأجندتها. وأضاف: إنه في السنوات الأخيرة نشأت العديد من مراكز حوار الاديان، وجزء كبير من فعالياتها كان يركز على تغيير الصور الخاطئة عن الاسلام و مواجهة الاسلاموفوبيا، في حين أن أهداف بعض المراكز تكون بحثية تفاعلية تجمع أشخاصا لديهم المقدرة العلمية والاكاديمية، وقد تكون بعض الأهداف عملية سياسية؛ لتعزيز السلام و التواصل بين المجتمعات و الدول، موضحا أن دور هذه المراكز في الوقت الراهن يتمثل في التغيير والنمو، فلا فائدة من هذه اللقاءات والحوارات إذا انتهت مثلما بدأت و لم تؤثر على الواقع، والتغيير مطلوب على ثلاثة مستويات، المستوى الأول يخص الأشخاص المتحاورين في المستوى الثاني للخطاب الديني والمستوى الثالث يخص المجتمعات و التعايش داخلها، مشيرًا الى أن المخرجات من الحوار يجب أن تكون عبر شكل توسع شبكة العلاقات العابرة للأديان، وبناء تحالفات لمواجهة التطرف والانحرافات والممارسات المسيئة لبعض الديانات، وتوسيع الأفكار المرتبطة بالأديان الأخرى من مصادرها، و على مستوى الخطاب تلعب المراكز دورًا في تحرير الخطاب الديني من خطابات الكراهية التي لها أثر سلبي على المجتمعات و الأديان، والاعتراف بحرية الدين والمعتقد وجعلها مبدءًا أساسيًّا في بناء المجتمعات و تطوير القدرة على المراجعة النقدية للذات، وختم كلمته أنه من المنتظر من هذه المراكز المساهمة في أجندة التنمية المستدامة والعدالة، ودعا جميع المراكز المحافظة على مسافة الأمان مع السلطة السياسية، وبذلك تكون المراكز صوت الإنسانية و الضمير.
وجاءت الجلسة الثانية: بعنوان مستقبل حوار الأديان، والتي أدارها الدكتور أحمد عبد الملك أستاذ الإعلام المشارك بكلية المجتمع، وشارك فيها كل من الأستاذ الدكتور محمد خليفة حسن أستاذ تاريخ الأديان وحوار الحضارات بقسم العقيدة كلية الشريعة بجامعة قطر بورقة تحمل عنوان حوار الأديان في ميزان الكتاب و المؤلفين، حيث أكد أن الحوار يتطلب مجموعة من المراحل، ولا توجد له نتائج فورية مباشرة وهو يمر بمراحل ازدهار ومراحل ركود رغم الجهود المبذولة و أن الاسلام وضع فقها للحوار بين الأديان،هذا الفقه يتضح من خلال العديد من المبادئ من بينها ضرورة فهم الاختلاف و الاعتماد على العقل و المنطق بشكل اساسي الذي يخفف من حدة الاختلاف بين الاديان من خلال الحوار و العودة إلى ما وراء الدين، و من بين المبادئ الاخرى التي قام عليها الاسلام هي الوسطية و التي تشير إلى التقارب بين الاطراف المتباعدة و المتنافرة. و أشار الدكتور محمد إلى أن هذه الأفكار ذكرها عدد من المؤلفين والكتاب وقد تم تنفيذ العديد من المشاريع فيما يتعلق بترشيد الاختلاف مثل: مشروع أسلمة المعرفة ومشروع مقاصد الشريعة، وختم بالتأكيد على أن كلمة الإسلام في حد ذاتها لها علاقة مباشرة بفقه الاختلاف، وهي كلمة تخص كل الأديان، وهي تعني خضوع الإرادة الإنسانية لارادة الإله الواحد و هي نقطة مشتركة بين الأديان .
بينما استعرض الأستاذ الدكتور إبراهيم أبو محمد المفتي العام لأستراليا أهمية تعزيز دور المؤسسات الدينية في نشر ثقافة الحوار الديني، وافتتح كلمته بالحديث عن الفترة السوداء التي عاشها العالم؛ حيث مر بفترات من الحرب المفتوحة ووصل إلى شفير الهاوية بسبب انتشار الإرهاب والتطرف الديني، وحتى أنه كان هناك تنظير لنهاية التاريخ بسبب صراع الحضارات، ومازالت الانسانية تتجرع مرارة هذه الفترة فالمشروع الإنساني والمثل العليا والأخلاق كانت في خطر، وكان لا بد أن يبحث العقلاء عن حلول للوضع المرعب، فتردد كثيرًا مصطلح حوار الحضارات والأديان وأُنشأت له مراكز بحثية متخصصة، وكان مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان نموذجًا رائدًا لما تقدمه هذه المراكز من دور و رسالة في تعزيز السلم الدولي و المجتمعي، مشيرًا إلى أن تعزيز هذا هذه الجهود يتم من خلال جناحين: الجناح الأول هو الوعي، والإسلام قدم رؤية ناضجة في عرض القواسم المشتركة والمخزون المعرفي للقرآن والسنة التي لم تكن مجرد تنظير بل رؤية واقعية على مستوى طرح مجموعة من المبادئ التي تتجاوز حدود التاريخ والجغرافيا، وتجمع الناس في وحدة تستهدف تعزيز السلم المجتمعي، ولفت الجميع إلى الأصل الجامع وذكرهم بمجموعة من المبادئ كالأخوة الإنسانية والاشتراك في المصدر، مؤكدًا عدم وجود تمايز عرقي، وعدم وجود عبيد وأتباع، وأن الاختلاف الغاية منه إثراء التجارب الإنسانية، والأساس في هذه القاعدة التحرر من قيود البيئة و الأفكار المسبقة؛ وبذلك التزم الإسلام شروط البحث العلمي، و أشار إلى أن الإسلام راعى الطبيعة البشرية التي تعتبر محاولة تغيير الأفكار نوع من التعدي على الكرامة.
وطرح الدكتور أندريه يوريش رئيس قسم الشؤون الدينية في الأمانة العامة لمجلس الوزراء الأوكراني في المداخلة التالية موضوع “مراكز الحوار الديني المسيحي: الأثر والمعوقات”، و قال إنه زار قطر سابقًا للمشاركة في مؤتمرات حوار الأديان، وأنه تفاجئ بإمكانيات وقدرات مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان وقادته، وخاصة الأستاذ الدكتور إبراهيم النعيمي؛ حيث تمت مناقشة العديد من القضايا المهمة والتي سيكون لها الأثر الكبير في المستقبل، مشيرًا الى أنه رغم الاختلافات الكبيرة في الثقافات والأديان إلا أن هناك أرضية موحدة، والكثير من القواسم المشتركة بين الديانات التي تسمح بإقامة عملية تواصلية بناءة و فعالة، وأشار إلى أن إقامة الحوار لا يأتي من باب الترف، بل هو ضرورة ملحة؛ لأن الرؤى والمبادئ المشتركة غير كافية، والمسؤولية اليوم تقع على عاتق المفكرين والدعاة الذين يجب أن يكونوا قدوة من خلال خطابهم الديني المعتدل وتصرفاتهم اليومية التي يجب أن تكون نموذجًا يُحتذى به في التعامل مع الاختلاف؛ حيث إن المجتمعات لديها حدود مختلفة ورؤى متباعدة حول الحق والسبيل الوحيد للتعايش هو من خلال التسامح، مشيرًا إلى أن الهوية الدينية مهمة جدًا بالنسبة للمجموعات والمجتمعات، ومؤكدًا على أن هناك العديد من مراكز الحوار المختصة في بلاده أوكرانيا، لكن لا يوجد مجلس يوحِّد هذه الجهود و هو ما يجعل الصعوبات و التحديات متجددة و متواصلة.
في حين تحدث الدكتور مصطفى لحكيم رئيس مجلس إدارة المركز الدولي للاستراتيجيات التربوية والأسرية ورئيس مؤسسة منارات الفكر الدولية للعلوم عن الأثر والمعوقات لمراكز الحوار الديني الإسلامي في المداخلة الرابعة، وأكد على أهمية المراكز البحثية الحوارية التي لها أثر كبير في بناء السياسات والتصورات العامة للمجتمعات وحل المشكلات، لا سيما في الزمن الحالي الذي تداخلت مجالاته الحياتية؛ لذلك لا بد من البحث العلمي، لا سيَّما في العملية الاستشرافية، مؤكدًا ضرورة إنشاء مراكز حوارية تُرسي ثقافة التنوع والاختلاف؛ لتجنُّب التطرف والصراع والبغضاء، والتشجيع على تقبل الاخر واحترام وجوده و معتقده، وضمان حقه واستقلاله في الفكر والسلوك دون وصاية ولا قيود، وأضاف: إن السياق العام يشجع على التنافر والصدام، فمعظم الصراعات المنتشرة في العالم حاليا منبعها رفض الاختلاف و التنوع، وأكد على وجود عائقين أمام ثقافة السلم والحوار هي الرؤية التجزيئية لأي دين ومذهب و اتجاه، وهو ما يجعل بعض الآيات تخرج عن سياقاتها، وتبتعد عن مقاصدها، أما العائق الثاني فهو نزعة التملك؛ لذلك لا بد من إعادة الاعتبار لفقه الاختلاف وأدب الحوار، واستلهام النموذج النبوي في رعاية حقوق الناس.
هذا وخُتمت الندوة بمجموعة من التوصيات من المشاركين والحضور، جاء أهمها: ضرورة تغيير الصور النمطية، وسد الفجوة مع أصحاب القرار السياسة وإجراء دراسات لربط الحلقة بين القيادات الدينية والقيادات السياسية، و فتح فصل جديد من الحوار العقدي، كما دعوا إلى تغيير مفهوم الحوار وجعله ممارسة، والخروج به من أروقة المحاضرات إلى الممارسة العملية في الواقع المعاش.
Sorry, the comment form is closed at this time.