20 فبراير بحضور 500 مشارك من 70 دولة مؤتمر حوار الأديان الثالث عشر يناقش حقوق الإنسان في الأديان
سلطان المريخي: الحوار بين الأديان يجب أن يتناول القضايا الكلية التي تتعلق بمستقبل الجميع
إبراهيم النعيمي: الاستقرارَ والسلامَ للعالمِ لن يتحقَّقَ إلا من خلال الحفوظ على حقوق الإنسان وصيانتها
بحضور نحو 500 مشارك من 70 دولة، يمثلون نخبة من رجال الدين، والمفكرين، والأكاديميين، انطلقت في فندق شيراتون الدوحة فعاليات المؤتمر الدولي الثالث عشر لحوار الأديان، حضر الافتتاح ، سعادة السيد سلطان بن سعد المريخي وزير الدولة للشؤون الخارجية، وسعادة الدكتور إبراهيم النعيمي رئيس مجلس إدارة مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان، وجمع من أصحاب السعادة السفراء والعاملين في السلك الديبلوماسي، وعدد من أصحابَ الفضيلةِ والسماحةِ والغِبطةِ والنيافة، والمهتمين بموضوع حوار الأديان.
وفي كلمته الافتتاحية، قال سعادة السيد سلطان بن سعد المريخي وزير الدولة للشؤون الخارجية: إن الدورة الثالثة عشر لمؤتمر حوار الأديان، تتناول موضوعاً ملحاً هو “الأديان وحقوق الإنسان”، وهو ما يكسب هذا المؤتمر أهمية كبرى في الوقت الراهن، في ظل الظروف التي يشهدها العالم والتي زادت فيها حدة الانقسامات نتيجة لمظاهر التوتر والنزاعات وعدم الاستقرار في مناطق عديدة من العالم.
وأكد سعادته الارتباط الوثيق بين القيم والتعاليم والمبادئ الإنسانية في كافة الشرائع والأديان، وبين حقوق الإنسان باعتبارها مبادئ سامية، يجب أن تحكم الحياة والمجتمعات.. داعيا في هذا السياق إلى تعزيز الجهود العالمية والإقليمية والمحلية بشأن تطبيق هذه القيم والمبادئ والربط بينها وبين المواثيق الدولية لحقوق الإنسان.
وأشار في هذا السياق إلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عام 1948، والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الصادرين عام 1966.
وشدد سعادة السيد سلطان المريخي، على أن الحوار بين الأديان يجب أن يتناول القضايا الكلية التي تتعلق بمستقبل الجميع والمفاهيم التي تحمل قواسم مشتركة من القيم الأخلاقية والمثل العليا والفضائل والمحافظة على كرامة الإنسان من أجل عالم يسوده الأمن والسلام والاستقرار لخير الإنسانية جمعاء.
ومن جانبه، قال سعادة الدكتور إبراهيم النعيمي رئيس مجلس إدارة مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان: إن مؤتمرَكم هذا، الذي هو المؤتمرُ الثالثُ عشر، قد جاء بعد خبرةٍ طويلة، ومؤتمراتٍ عديدةٍ سَبقَته، كانت فرصةً عظيمةً لالتقاء كوكبةٍ من علماء الأديان السماوية، والأكاديمين، ورؤوساءِ مراكزِ حوارِ الأديان من مختلفِ أنحاءِ العالم، والمهتمين بقضيةِ الحوارِ بين الأديانِ على وجهِ الخصوص، وبين الثقافاتِ والحضاراتِ المختلفة بصفة عامة.
وشدد الدكتور النعيمي على أهمية تضافر الجهود، للتصدي لانتهاكات حقوق الإنسان: لقد باتَ واضحًا للعَيان، أن التصدي لانتهاكاتِ حقوقِ الإنسان، قضيةٌ كبرى، لا تُقَوَّمُ بتشريعاتٍ دُوليةٍ فحسب، ولا بنصوصٍ ومواعظَ دينيةٍ فقط؛ وإنَّما تحتاجُ إلى عملٍ جاد، تتضافرُ فيه كلُّ تلك الجهود، وتشاركُها في تلك المسؤولية، القياداتُ الدينية، والمؤسساتُ المدنية، فيلتقي كلٌّ من التوعيةِ والإيمان، مع التشريعاتِ والقوانين، في قلوبٍ وعقول، تُدركُ أنَّ الاستقرارَ والسلامَ بمفهومِه الإنسانيِّ الشاملِ للعالمِ كلِّه، لن يتحقَّقَ إلا بتحقُّقِ السلامِ الإنسانيِّ الشخصيِّ لكلِّ إنسان، من خلالِ المحافظةِ على حقوقِه وصيانتِها.
(محاور المؤتمر)
يقوم المؤتمر على 3 محاور أساسية، حيث يأتي المحور الأول تحت شعار حقوق الإنسان في الأديان (الرؤية والمفهوم) ، ويندرج تحت هذا المحور، حرية المعتقد وممارسة الشعائر الدينية، الحقوق الفردية والمصلحة العامة، حقوق الإنسان السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
أما المحور الثاني فيأتي تحت عنوان : موقف الأديان من مظاهر انتهاك حقوق الإنسان (بين النظرية والتطبيق)، ويندرج تحته عدد من المواضيع، من بينها موقف الأديان من التطرف والإرهاب، التسامح الديني ونبذ ظاهرة التعصب وازدراء الأديان، مظاهر انتهاك الحريات الشخصية للأفراد والجماعات.
فيما يجيء المحور الثالث بعنوان قضايا حقوق الإنسان بين الشرائع السماوية والمواثيق الدولية، ويندرج تحته، التعاليم الدينية وتعزيز القوانين الدولية لحقوق الانسان، تجارب ناجحة لإدماج القيم الدينية في قوانين حقوق الانسان، مسؤولية القانون الدولي في حماية الفئات الدينية المستضعفة.
(أوراق العمل)
تم خلال جلسات المؤتمر تقديم العديد من أوراق العمل، التي تناولت واقع حقوق الإنسان في العالم، والمواثيق الدولية بهذا الصدد، وقارنت ذلك بحقوق الإنسان في الأديان كافة، وأيضا كيف يطبق أتباع الأديان تلك الحقوق.
وفي ورقتها العلمية أكدت الأستاذة الدكتورة/عائشة يوسف المناعي (قطر) مديرة مركز إسهامات المسلمين في الحضارة بأن انتهاكات حقوق الإنسان صورا مختلفة ومظاهر متنوعة، منها ما يتمثل في مواقف أيديولوجية ومنها ما يتجسد في إجراءات عملية قمعية. ولكن المظاهر العملية للانتهاكات لا تتحقق إلا بقناعة أيديولوجية، وهنا تستطيع الأديان أن تلعب دورها الإيجابي في التصدي لانتهاكات حقوق الإنسان من خلال الاسهام في محاولات اقتلاع جذورها، وتوفير ما يؤمن العقل الإنساني ووجدانه من الانجرار وراء الإغراءات السلبية السيئة التي تحيي في الإنسان نوازع الشر.
وأكدت المناعي على أن رؤية الأديان للعلاقات الإجتماعية تتميز بإيجابية منقطعة النظير. لكن المشكلة تكمن في قدرة كل دين على حدة في غرس هذه القيمة في قلوب أبنائها من خلال التربية الأسرية والمدرسية ومن خلال المؤسسات الاجتماعية الأخرى التي من أهمها دور العبادة.
أما الأستاذ الدكتور علي محيى الدين القره داغي (قطر) الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، فجاءت الورقة التي قدمها تحت عنوان، كرامة الانسان في ضوء القرآن الكريم ووثائق النبوة، وقدم بعض الأضواء على هذا التكريم بإيجاز مع مقارنته مع ما ورد في المواثيق الدولية لحقوق الانسان في هذا المجال، من خلال دراسة تأصيلية تعتمد على القرآن الكريم، والسنة النبوية المطهرة، والوثائق النبوية مثل وثيقة المدينة، أو دستور المدينة، آخذة بنظر الاعتبار مقاصد الشريعة وعلاقتها بحقوق الانسان، والمنهج الأخلاقي الذي يضبط هذه الحقوق بضوابط تعود آثارها على المجتمع.
كما قدمت السيدة/ مريم المالكي (قطر) الباحثة والمستشار اجتماعي بمركز الحماية والتأهيل الاجتماعي (أمان )، ورقة عمل حملت عنوانمكافحة الاتجار بالبشر بين الشريعة الإسلامية والسياسات الدولية، أشارت فيها إلى أن ظاهرة الاتجار بالبشر هي من الظواهر غير التقليدية، وتحتاج إلى حلول غير تقليدية تعتمد أساسًا على روح وجوهر الشريعة الإسلامية الغراء وتجربتها الرائدة، والاستفادة من الفرص العالمية المتاحة حاليًا وإرتكازاً على مبادئ حقوق الإنسان للوصول الى أهداف الألفيه الإنمائيه ولتحقيق أهداف التنمية.
أما الدكتور/ منير بنجمور الأستاذ المحاضر في الفقه وأصوله بالمعهد العالي لأصول الدّين بجامعة الزّيتونة في تونس، فقدم بحثا جاء تحت عنوان حماية المدنيّين زمن النزاعات المسلّحة بين الشريعة الإسلامية والقانون الدولي الإنساني، فيما قدمت الدكتورة/ مريم آيت أحمد أستاذة التعليم العالي رئيسة قسم حوار الأديان والثقافات في المملكة المغربة دراسة بعنوان: قيم الأديان في ظل أزمنة انتهاك حق كرامة الإنسان ..قراءة في استشراف دور القيادات الدينية في تحريم الفساد في الارض ؟!.
وتمثلت مشاركة الباحث جورج أبوالزلف مدير مركز الأمم المتحدة للتدريب والتوثيق في مجال حقوق الانسان لجنوب غرب اسيا والمنطقة العربية في الأمم المتحدة بورقة عمل تحت عنوان : العنوان: تجربة المفوضية السامية لحقوق الانسان في العمل مع منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الدينية: مبادرة “الايمان من أجل الحقوق” نموذجاً.
ناقش خلالها جورج أبوالزلف جهود المفوضية، وخاصة فيما يتعلق بخطة الرباط التي اعتمدت قبل أكثر من خمس سنوات، حيث كانت بداية جريئة في توضيح مسؤوليات حقوق الإنسان لعدد من الجهات الفاعلة، ولكن مع التركيز بشكل خاص على الزعماء الدينيين، وكان هذا التحول الأول الذي أسس لمجموعة من الحوارات العامة بين الأديان وإلى صياغة محددة لثلاث مسؤوليات أساسية، وهي: 1- يجب على الزعماء الدينيين الامتناع عن استخدام الرسائل التي قد تحرض على العنف، 2- ويجب عليهم التحدث بحزم وبسرعة ضد خطاب الكراهية، 3- ويجب أن يكون واضحا لديهم أن العنف لا يمكن تبريره بالاستفزاز المسبق.
Sorry, the comment form is closed at this time.