04 مايو ندوة اقتصادية نظمها مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان
نظم مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان صباح أمس ندوة اقتصادية تحت عنوان “رؤية إسلامية للأزمة الاقتصادية” وذلك بالتعاون مع مركز شركاء الأرض في لندن وحضر الندوة العديد من علماء الدين وخبراء الاقتصاد حيث تناولت المناقشات أمكانية الاعتماد على النظام الإسلامي كنظام بديل للتمويل للخروج من الأزمة الاقتصادية العالمية.هذا وتتواصل فعاليات الندوة على مدار يومين بفندق الميلينيوم .
وقد تم مناقشة ورقة العمل الأولى في هذه الندوة النظام الاقتصادي في الإسلام الذي يتسم بثبات قواعده القائمة على مجموعة من القواعد الحاكمة لتعاملات النشاط الاقتصادي ومنها تحريم الربا، فرض الزكاة، المشاركة والغنم بالغرم، تحريم الاحتكار والغش والتدليس بينما تركت مساحة واسعة للمصالح المرسلة، من أجل التيسير على أفراد المجتمع مدار المعاملات الاقتصادية على مصالح العباد، الأصل في المعاملات المالية الإباحة، لا ضر ولا ضرار ومن هنا يطلق على السياسات الاقتصادية الإسلامية بأنها تجمع بن المرونة والثبات.
ومن خلال المناقشات التي تمت خلال الندوة تم مناقشة الفرص التي أتيحت للسياسات الاقتصادية وفق النظم غير الإسلامية، لتعمل في أرض الواقع، وكانت النتائج كما نرى، إما مصادرة لفطرة الإنسان وتجريده من حقه في التمتع بكسب يده، أو إطلاق العنان لنزوات الإنسان وشهواته فغابت العدالة الاجتماعية، وأهدرت الكفاءة الاقتصادية، وانتشر الفقر والبطالة، وارتفعت معدلات الجريمة، ودارت الدول الفقيرة والنامية في فلك المديونية والتخلف ولم تعد حاجات الناس ومتطلبات معيشتهم تشكل هدفاً للمنتجين، بقدر ما يحققه ذلك من تحقيق منافع المنتجين المتمثلة في تعظيم الأرباح، فاختل سلم أولويات الإنتاج والاستهلاك، كما غيبت المؤسسات المالية عن دورها فاستهداف الأرباح جعلهم يسعون للمضاربات وتمويل الأنشطة قصيرة الأجل على حساب مشروعات التنمية، التي تخلت عنها الدول بزعم قدرة القطاع الخاص على تحقيقها
والسؤال الذي تحاول ان تجيب عليه هذه الورقة، هو ما هي السياسات الاقتصادية التي يقدمها النظام الاقتصادي الإسلامي؟ التي يرجى منها تحقيق الاستقرار الاقتصادي الايجابي، لتلافي سلبيات السياسات الاقتصادية للنظم الاقتصادية الأخرى وتعني هذه الورقة ببيان الملامح العامة للسياسات الاقتصادية في النظام الاقتصادي الإسلامي، في إطار ما هو معروف من المكونات الثلاث الرئيسية للسياسة الاقتصادية وهي السياسة المالية، السياسة النقدية، السياسة التجارية.
في بداية الندوة قال الدكتور يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين : من واجب المسلمين البحث في حل المشكلات العالمية والتي من شأنها زعزعة الأمن والاستقرار الاقتصادي لدول العالم ولذلك وجب علينا تقديم الحلول والاقتراحات المناسبة لهذا الزلزال المالي الذي أطاح باقتصادات العالمية وألحق أضرار فادحة .
أضاف القرضاوي أن الإنسان بسلوكياته يكون هو الأساس في أحداث أي مشكلات قد تتعرض لها البشرية فنعم الله لا تعد ولا تحصي ولكن ظلم الإنسان لأخيه الإنسان هو السبب الرئيسي للأزمات التي قد تتعرض لها البشرية .
وأشار رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أن لكل داء دواء ولا توجد مشكلة ليس لها حل ولكن علينا أن نبحث بجد عن الحلول المناسبة للخروج من هذا الزلزال المالي بأسس أسلامية صحيحة وأردف القرضاوي قائلا : أن الأصل في المسلم أن لا يستدين وهذا ما جعل الاقتصاد العالمي يصل إلى هذه الدرجة من التدهور والانهيار التي لا يعرف مداها إلا الله وما ينطبق على الأفراد ينطبق على الدول فأساس الأزمة العالمية هو الاقتراض على أسس ربوية أدت بالاقتصاد العالمي إلى ما وصل إليه من تدهور وانهيار .
وحول ضرورة التمويل الإسلامي وأتباع السياسات المالية الإسلامية في الفترة المقبلة قال القرضاوي : السياسات المالية الإسلامية لا غنى عنها خلال هذه الحقبة الاقتصادية المظلمة وهذا ما ينادي به الغرب حاليا وهذا ما أعلنه الرئيس الفرنسي ساركوزي لمناشدة العالم بضرورة الاتجاه إلى التمويل الإسلامي كحل بديل لهذه الأزمة .
الإنتاج العربي
وتابع حديثه قائلا: في تعاليم الإسلام لا يجد المال إلا من خلال العمل ولكن النظام العالمي المسيطر عليه الفلسفة الرأسمالية القائمة على الربا والاحتكار هو السبب الرئيسي في الأزمة الاقتصادية وناشد الشيخ القرضاوي الدول العربية بضرورة العمل بجد من أجل تكوين صناعات عربية من أجل التقارب مع الدول الصناعية الكبرى وأشار إلى أن المسافة بين الدول العربية وتلك الدول تتسع باستمرار مع مرور الوقت .
وناشد رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الدول العربية بالاتجاه نحو الإنتاج قائلا : الدول العربية تمتلك مقومات إنتاجية كبيرة وبالرغم من ذلك تستورد أكثر من 50 من احتياجاتها فأمة الإسلام هي الأقل أنتاجاً بالرغم من أن الدين الإسلامي يحس على العمل والإنتاج .
ومن جانبه قال إبراهيم صالح النعيمي رئيس مجلس إدارة مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان : إن الأزمة المالية التي يشهدها عالمنا اليوم ليست أزمة معزولة يمكن إبعادها عن جوانب الحياة الأخرى فقد ضربت هذه الأزمة العالم اجمع بدوله الغنية والفقيرة والتي سوف تستغرق وقتا طويلاً لعلاجها واحتوائها .وبالنظر إلى حجم الكارثة التي تلوح من خلف الأزمة والتي بدأت في الأسواق الأمريكية ثم أخذت تتوسع كالإعصار وتضرب معظم أسواق العالم، فقد تحركت دول العالم أجمع كل بطريقته الخاصة وبأسلوبه الذي يراه الناجح لمواجهة الأزمة العاتية .
وأشار د.النعيمي إلى إن علاج هذه الأزمة يتطلب من المتخصصين طرح رؤى وأفكار جديدة وعملية وحلول مناسبة للتقليل من تداعياتها فلم تفلح بعد الإجراءات الإستعجالية التي اتخذتها حكومات الدول الكبرى في التصدي لهذا التسونامي والذي حول مشاعر الناس ذعراً وفزعاً .
وتابع د. النعيمي حديثه قائلا:نحن في مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان نؤمن بأن للشريعة الإسلامية الأهلية الكاملة للقيام بهذا الدور وذلك بتقديم النموذج النظري والتطبيقي للخروج من هذه الأزمة وقد أكد الفاتيكان قريباً بأنه يتوجب على البنوك الغربية النظر بتمعن في القواعد المالية الإسلامية، من أجل العمل على استعادة ثقة عملائها في خضم هذه الأزمة، وهذا مما يعد أحد أهم التحولات البارزة التي تشهدها صناعة المال الإسلامية وفي نفس الوقت يعد خطوة ايجابية في مجال حوار الأديان .
وأشار د.النعيمي إلى أن هذا الحوار البناء هدفه الأساسي تقديم الطرح البديل العملي النابع من الفلسفة الإسلامية، لذا فقد دعونا العديد من المتخصصين في هذا المجال من الاقتصاديين وعلماء الدين ليقدموا لنا رؤية دينية واضحة لهذه الأزمة . .وتعمل السياسات الاقتصادية على تحقيق أهداف النظام الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، داخل المجتمع وبطبيعة المنهج الإسلامي، فإنه كل لا يتجزأ ولا يمثل الاقتصاد في الإسلام منظومة فوقية تسير باقي العلاقات الاجتماعية في المجتمع، ولكن مكونات النشاط الاقتصادي بمختلف مراحله في الإسلام، مرتبطة بحقيقة التوحيد وما يفرضه من تصورات للإله والكون والحياة وطبيعة العلاقة بينهم.
نظام رأسمالي عاجز
ومن حهته قال إبراهيم عويس أستاذ الاقتصاد بجامعة جورج تاون : تحدث الأزمة المالية عندما تعجز المؤسسات المالية عن القيام بدورها في تمويل النشاط الاقتصادي و تزويده بالسيولة الكافية للاستثمارات طويلة أو قصيرة الأجل و عادة ما تقع الأزمات المالية في أعقاب إسراف مالي أو رواج اقتصادي يستنزف جانباً كبيراً من السيولة المصرفية.
أضاف عويس : عندما تستشعر البنوك و المؤسسات المالية انخفاضا في حجم الاحتياطات فإنها تحجم عن أو تقتصد في ضخ ائتمان جديد و تبدأ أزمة ائتمان فإذا وصل الأمر بالقطاع المصرفي إلى حد عدم القدرة على مقابلة التزامات قصيرة الأجل تجاه المودعين و ساد شعور لدى المودعين بذلك و حدث تسارع على سحب الودائع فإننا نكون بصدد أزمة مالية حقيقية و تنتشر الأزمة بين البنوك ذات الموقف المالي الجيد التي تبدأ في التأثر نظراً لعوامل الربط الاقتصادي التي تسود الأوساط المصرفية فكما للإيداع من آثار مضاعفة توسعية فإن للسحب آثار انكماشية مضاعفة .
ووصف الدكتور إبراهيم عويس الأزمة الراهنة بالكساد الكبير الذي أصاب دول العالم دون استثناء وأشار إلى أن جميع دول العالم تأثرت بهذا الزلزال المالي الكبير بما في ذلك دول الخليج العربي والتي تعتبر الأقل تأثرا في العالم بفضل الاحتياطات النفطية الكبيرة التي تمتلكها هذه الدول والتي كانت عامل مهما في الخروج من هذه الأزمة .
وحول تأثر الاقتصاد القطري بأزمة المال العالمية من عدمه قال عويس قطر تأثرت لأنها من دول العالم فالكل داخل منظومة واحدة ولابد له من التأثر ولكن قطر تعتبر الأقل تأثرا في المنطقة بفضل التنوع الاقتصادي التي تتمتع به قطر بالإضافة إلى المشروعات الضخمة التي تمتلكها قطر والتي كانت أحد الأسباب الجوهرية في استكمال النهضة الاقتصادية ومن أهم هذه المشروعات مشروع تحويل الغاز إلى غاز مسال فهذا المشروع الضخم بجانب العديد من المشروعات الأخرى والتي تنجزها الحكومة القطرية دليل واضح على قوة الاقتصاد القطري .
وحول مدى أزمة المال العالمية قال عويس : نعتقد أن العام 2009 سيكون هو الأسوأ في تاريخ الاقتصاد العالمي ولكن بداية التحسن ستكون أواخر العام المقبل وستكون الانفراجة الكبرى لهذا الزلزال خلال عام 2012 .
ندرة الموارد
وفي ورقة العمل الثانية القي د. محمد عثمان شبير رئيس قسم الفقه والأصول الإسلامية بكلية الشريعة بقطر أكد فيها على إن موضوع المشكلة الاقتصادية من الموضوعات المهمة في هذا العصر .
وحول حقيقية هذه المشكلة وأسبابها وحلولها قال د. عثمان إن المشكلة الاقتصادية عرفت بأنها ندرة الموارد في مقابل تعدد الحاجات الإنسانية فكل فرد أو أسرة أو مجتمع ينعم في هذه الحياة الدنيا بنوعين من الموارد ويتمثل المورد الأول في موارد حرة غير مملوكة لأحد أو غير محددة مثل الهواء وأشعة الشمس فكل فرد يأخذ كفايته منها بدون أن يتزاحم الناس على امتلاك هذه الموارد وبدون أن يدفعوا كلفة أو ثمن لها أما النوع الثاني فهي الموارد المحدودة والمملوكة للناس مثل الماء والغذاء والكساء وهي تحتاج إلى كلفة وثمن والإفراد يتفاوتون في هذا فمنهم من زادت موارده عن حاجاته فهذا لا مشكلة عنده لكنه مسؤول عن أخوانه الذين تقل مواردهم عن حاجاتهم ..كما نجد أن هناك أفرادا قلت مواردهم عن حاجاتهم وهؤلاء هم أصحاب المشكلة وهم الفقراء والمساكين.
وأشار إلى أن الناس في الدنيا أفراد أو جماعات يواجهون مشكلة اقتصادية وحلها من ضمن وظائف الاقتصاد المعاصر فلولا هذه المشكلة لما نشأ علم الاقتصاد..هذا بالنسبة للأفراد والجماعات أما بالنسبة إلى المجتمع فقد قرر “مالثوس” في نظريته الشهيرة إن سكان العالم يتزايدون بنسب متوالية هندسية 2-4-8 أما الموارد فتتزايد بمتوالية عددية 1-2-3 وهذا ما يسبب الفجوة بين الموارد والحاجات .
وأكد د. عثمان شبير أن هذا ليس السبب الحقيقي للمشكلة وإنما السبب الحقيقي لهذه المشكلة يرجع إلى تصرفات الناس السيئة التي تفسد البيئة ومن اثأر المعصية لله تعالى انتشر الأمراض الفتاكة حيث أن انتشار الأمراض في المجتمع يزيد من نفقات العلاج ..كما من آثار المعصية انقطاع المطر من السماء حيث إن انقطاع المطر يؤثر على الخارج من الأرض كما يؤثر على الحيوانات وهذا ما يؤدي إلى ارتفاع أسعار الخضروات واللحوم.
وأضاف أن من اثأر المعصية أيضا نزع البركة مما هو موجود من الموارد حيث إن نزع البركة ومحقها يؤدي إلى استهلاك كميات كبيرة من الموارد الطبيعية كما يؤدي إلى نزعها من الأعمار والأولاد والأوقات والطعام والشراب والصحة وغيرها.بالإضافة إلى ارتكاب الناس للمعصية بمثابة إعلان الحرب على الله ورسوله وفي المقابل يعلن الله ورسوله الحرب عليهم وهم لهم لا قبل لهم بالله سبحانه وتعالى الذي له جنود السموات والأرض.
الحد من الزواج
أما عن الحلول المقترحة قال د. عثمان شبير إن أول هذه الحلول ظهر في نظرية “مالثوس”وتتمثل في الحد من الزواج أو يؤجله بهدف الحد من الزيادة السكانية وإلا فان الطبيعة ستحصد للرؤوس الزائدة بسيف الحروب التي تنشأ بسبب الزحام على الموارد الغذائية.. ومن الحلول التي طرحها الاقتصاديون الرأسماليون أن الحل يأتي في السوق الحرة وإتاحة الفرصة لزيادة الإنتاج وتوسيع النشاط الاقتصادي الذي يؤدي بدوره إلى التنمية الاقتصادية ..ومن الحلول التي طرحها الاقتصاديون الاشتراكيون ان الحل يكمن في التخطيط المركزي لتحديد الأجور والإنتاج والسياسات الائتمانية التي تهدف إلى تحقيق التنمية الاقتصادية.
وأشار إلى إن هذه الحلول مادية بحته وهي لا تتفق مع الحقائق الإسلامية التي قدمتها الشريعة الإسلامية فعلى المسلمين التحلي بالعبودية لله تعالى والطاعة له فإذا ما تحقق ذلك كفاهم الله وأغناهم بفضله.
أسبقية المادة
وفي ورقة العمل الثالثة القي الدكتور رمضان مقلد محاضرة قال فيها ان الماديين يرون أسبقية المادة على الفكر فالمادة توجد باستقلال عن العقل فالحقائق المادية هي التي تشكل الفكر .فالفكرة لا تتشكل إلا باستثارة المادة للأحاسيس . العالم تحكمه قوانين المادة و الإنسان تحكمه الجوانب المادية لبيئته فالإنسان ابن البيئة . ولقد تطورت المادية على يد ماركس فالعالم في نظره لا يتطور بصراع الفكر ولكن يتطور بصراع الطبقات الاقتصادية من أجل الوجود المادي فالتاريخ على امتداده الطويل من المجتمعات التي سادتها العبودية حتى مرحلة الرأسمالية كان دائماً رهن الصراع بين الطبقة المسيطرة: السادة والنبلاء وأمراء الإقطاع و الرأسمالية و الطبقات المستغَلَة العبيد و فلاحي الأراضي و البروليتاريا ( عمال الصناعة ) وفي كل مرة يحتدم الصراع ويتحول المجتمع من شكل استغلالي إلى آخر حتى الرأسمالية و التي سوف تنتهي بالانقلاب الشيوعي و يظهر المجتمع ذو الطبقة الواحدة والتي تسود و تسترد ملكية عوامل الإنتاج التي هي من خلق هذه الطبقة و يكون رأس المال ملكا للمجتمع و يكون لكل فرد حسب احتياجاته و من كل فرد حسب قدرته .
وتابع د. مقلد قائلا:إن الماديين يؤمنون بأن الفكر الإنساني ليس فكرا ذاتيا وإنما هو مردود حسي للوقائع المادية ,فالمرجعية الرئيسية للحكم على الفكر الإنساني والنظريات العلمية هو مضاهاتها بالوقائع المادية والبيانات ولذا فهم ينكرون قدرة العقل على خلق معرفة حقيقية وينكرون بذلك الوحي والإلهام والحدث والعواطف والشعور والموروثات الدينية والمؤسسات الاجتماعية القائمة على الأعراف والتقاليد والأخلاق . .ولقد تأثرت الفلسفة المادية في القرن السابع عشر والثامن عشر بالتقدم الكبير الذي حدث في العلوم الطبيعية والفيزيائية حيث ذكر فرنسيس بيكون ان التجربة وليس الوحي هي أساس المعرفة الحقيقية ولقد ادخل ديكارت وهوبز ونيوتن فكرة الحركة للمادة وبالتالي تطورت النظرية الميكانيكية للطبيعة .
وأشار مقلد الى انه يؤخذ على الفلسفات المادية أنها انتزعت من الإنسان القدرة على التفكير المستقل واتخاذ حكم مستقل وأنها رأت أن الفكر الإنساني هو مردود حسي لمكونات البيئة الطبيعية وكأنه إطار تفسيري لما يحدث من حوله فالفكر عندهم للتفسير وليس للتأثير ونحن نختلف في ذلك اختلافا كبيرا..فالإنسان مادة وروح ,مادة وفكر , ولديه قدرة على الإبداع فعندما تستحث الطبيعة الفكر الإنساني فهو لا يقف عند حد التفسير و الكشف عن القوانين المحدثة للظواهر من حوله وإنما يمتد فكره إلى ما وراء التفسير إلى التأثير والتأثير في البيئة لا يكون إلا بفكر مبدع و خلاق فالإنسان قادر على التأثير في تغيير ظروفه إلى الأفضل وعندما أراد الله استعمار الأرض خلق الإنسان مزودا بفكر أولى يعينه على القيام بالمهمة والرسالة التي كلفه الله بها فالإنسان مزود بقدرات فكرية أولية يمكن بها إذا ما أحسن استغلالها أن يؤثر في المحيط المادي الذي يعيش فيه.كذلك فان الشواهد حولنا تدل على إن الفكر الإنساني استطاع ان يتغلب على تحديات الطبيعة في كثير من الأحيان ومازال الفكر العبقري الخلاق يخوض معاركه الأزلية الأبدية مع الطبيعة . وكلما ضاقت به الطبيعة فى مجال ما فتح العلم والفكر الإنساني مجالات أوسع وأرحب .
تمويل النشاط الاقتصادي
وأضاف د. مقلد : ان الأزمة المالية تحدث عندما تعجز المؤسسات المالية عن القيام بدورها في تمويل النشاط الاقتصادي و تزويده بالسيولة الكافية للاستثمارات طويلة أو قصيرة الأجل ..وعادة ما تقع الأزمات المالية في أعقاب إسراف مالي أو رواج اقتصادي يستنزف جانباً كبيراً من السيولة المصرفية .فعندما تستشعر البنوك و المؤسسات المالية انخفاضا في حجم الاحتياطات فإنها تحجم عن أو تقتصد في ضخ ائتمان جديد و تبدأ أزمة ائتمان فإذا وصل الأمر بالقطاع المصرفي إلى حد عدم القدرة على مقابلة التزامات قصيرة الأجل تجاه المودعين و ساد شعور لدى المودعين بذلك و حدث تسارع على سحب الودائع فإننا نكون بصدد أزمة مالية حقيقية و تنتشر الأزمة بين البنوك ذات الموقف المالي الجيد التي تبدأ في التأثر نظراً لعوامل الربط الاقتصادي التي تسود الأوساط المصرفية فكما للإيداع من آثار مضاعفة توسعية فإن للسحب آثارا انكماشية مضاعفة .
Sorry, the comment form is closed at this time.