23 مارس نفسٌ واحدة بيان من مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان
يقول تعالى:
“يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا” (سورة النساء: الآية- 1)
نعم إنها نفسٌ واحدة تتجلى لنا الآن في أشد أوقات المحن والبلاء والوباء الذي يعصف بعالمنا اليوم؛ لتذكرنا بنداء خالقنا لنا جميعًا، مهما كنا رجالًا ونساء، عربًا وعجما، بيضًا أو حمرًا أو سودا.
تذكرةٌ لنا أن مشيئة الله قد قضت علينا جميعًا أن يكون مصيرُنا واحدًا في هذه االدنيا، وهو مصير الابتلاء والاختبار: الاختبار بنعم الله لنا المسخرةِ لخدمتنا؛ فشمسنا واحدة وسماءنا واحدة، وماءنا وهواءنا واحد، والابتلاء بما لم نتدخل في حدوثه، وليس لنا حيلة في دفعه، مثل الكوارث البيئية والمجاعات، والأوبئة والأمراض وغيرهم، وأيضا بما كنا نحن البشر سببا فيه لجهلنا وطمعنا وتكبرنا وتجبرنا مثل: الحروب، والفقر، والجهل، وتزايد الفجوة بين الاغنياء والفقراء، وغياب العدالة الاجتماعية، وتدهور أوضاع حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وانتشار التطرف والكراهية والإلحاد والانحطاط الأخلاقي.
لعله آن الأوان الآن أن ندرك جميعا أن الأديان مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى لتتضامن فيما بينها، وتتخذ خطوات عملية جريئة في إنقاذ المجتمعات الانسانية، بتأسيس رؤية واحدة تبعثنا إلى الأعمال الصالحة التي أمرنا الله جميعاً بها في التوراة والإنجيل والقرآن، فالإنسان المؤمن بحق هو الإنسان القادر على مواجهة المهمات الصعبة، وليس هناك من تفاضل بيننا إلا بالتقوى والإيمان والعمل الصالح، وهم المحرك الأساسيّ لسلوكياتنا وأفعالنا، والمكونَ الرئيسي لشخصياتنا، والمغذِّيَ الأمثلَ لتجربتنا الإنسانية على هذه الأرض، وهم كذلك دليلٌ على كمالنا الإنساني الذي يرسمُ لنا الطريقَ الصحيح للخير والسلام اللذين بهما يعمر هذا الكون، ولا مجالَ هنا للتخلي عن تحمل المسؤولية، فالإيمان الحقيقي لا بد وأن يكون مصدراً للاستنارة، والبصيرة الروحية.
لعل ذلك يكون طوق النجاة للإنسان بين الأمواج العاتية من الكوارث الإنسانية المعاصرة وما أكثرها!
بدون تعليقات