ينظم المركز محاضرة “قرطبة في التاريخ الاسلامي ومساهمة مسلمي قرطبة في النهضة الأوروبية”

26 يونيو ينظم المركز محاضرة “قرطبة في التاريخ الاسلامي ومساهمة مسلمي قرطبة في النهضة الأوروبية”

نظم مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان بالتعاون مع مؤسسة عيد الخيربة ومركز شباب الدوحة يوم الجمعة الماضي بشيرتون الدوحة محاضرة تحت عنوان “قرطبة في التاريخ الاسلامي ومساهمة مسلمي قرطبة في النهضة الأوروبية” قدمها البروفيسور وعالم الاثار البريطاني المعروف فرحات حسين بحضور الدكتور ابراهيم النعيمي رئيس مجلس ادارة مركز الدوحة الدولي لحوار الاديان وعدد من السفراء بدولة قطر ولفيف من المهتمين والباحثين.

واستعرض البرفيسور فرحات حسين خلال محاضرته التأثيرات الكبيرة للحضارة الاسلامية بقرطبة على الحضارة الاوروبية الحديثة كما سلط الضوء على جوانب التقاء تلك الحضارات والعلاقات الراسخة التي كانت تربط المجتمعين في قرطبة واوروبا، وقال: الحضارة الاوروبية خرجت من رحم الحضارة الاسلامية بقرطبة وان لقرطبة أفضالاً وأيادي بيضاء على الحضارة الاوروبية الحديثة، مما يؤكد التاريخ المشترك الذي كان سائدا بين تلك الحضارات، مناديا بضرورة التأسيس على تلك الحقبة من أجل مجتمع متعايش.
واشار حسين الى الاثر الاندلسي في الحضارة الاوروبية والذي يظهر جليا في المباني الاوروبية والمستشفيات والجوانب العلمية والاقتصادية والاجتماعية، منوها الى ان التأثيرات تبدو بجلاء في عدد من الدول الاوروبية مثل بريطانيا وفرنسا والمانيا وغيرها والمساجد في عدد من الاقطار الاوروبية والاسيوية واشكال العمارة الاندلسية المنتشرة حتى اليوم.

وأكد أن الحضارة الاسلامية كان لها اليد الطولى على اوروبا واستطاعت ان تؤسس علاقات دبلوماسية وثقافية وفكرية متميزة مع اوروبا والعالم قاطبة كما كان لها اشعاع ثقافي كبير تأسست على ضوئه كل الانظمة السياسية والعلمية والاقتصادية ونظام الحكم، مشيرا في الوقت نفسه الى التأثير الكبير الذي أحدثه العلماء المسلمين بقرطبة على العلماء والباحثين في اوروبا وانتشار العلم والفلسفة والطب والصيدلة مثل ابن خلدون وغيره من العلماء، وقال في الوقت الذي كانت فيه اوروبا تصدر مئات الكتب كانت تخرج من قرطبة ملايين الكتب والمؤلفات مما اثرى الحضارة الغربية والاوروبية بهذه المؤلفات عن طريق ترجمتها الى اللغات الاوروبية ما كان له اكبر الاثر على تلك الحضارة الى يومنا هذا.
واوضح بان اثر اللغة العربية مازال موجودا باسبانيا وهذا يعتبر من مخلفات الوجود العربي الاسلامي كما ان اسماء بعض الشوارع والمدن مازالت تتخذ مسميات عربية، مشيرا الى ان هذا الاثر كان بفضل الاتصال الثقافي والسياسي والعلمي بين قرطبة والممالك الاوروبية والعلاقات السائدة بين اتباع الديانات المختلفة في اوروبا وحركة الترجمة والتواصل المستمر بين تلك الدول.

واستعرض حسين النظام السياسي السائد بقرطبة والخلفاء الذين تعاقبوا على قرطبة مثل دولة المرابطين والموحدين وغيرهما والهجرات العربية التي جاءت الى الاندلس من العالم العربي وشمال افريقيا والاثر الذي خلفه هؤلاء المهاجرين على الحضارة الاوروبية بجانب النظام السياسي ونظام العمارة والمدن الاندلسية مثل اشبيلية والطرق والمباني والعملة بقرطبة والكلمات المنقوشة على تلك العملة واثارها على اوروبا ونتائج المسوحات الاثرية والجولات الميدانية بقرطبة ومخلفات الحضارة الاسلامية بقرطبة.
وأوصى حسين بضرورة تناول الجوانب الايجابية في التاريخ والجوانب المشرقة للعلاقات الانسانية وتأسيس الفهم المشترك من هذا المنطلق دون تناول العلاقات الانسانية في اطار صراعي وتناسي العلاقات الانسانية التى نشأت بين المجموعات البشرية لافتا الى وجود تلاقح ثقافي وفكري بين مختلف الدول مثل الصين والهند والعالم العربي وافريقيا ما يشجع على الالتقاء في المستقبل تأسيسا على تلك العلاقة.

وابان حسين الى ان الاسلام عندما دخل الى اوروبا اعتنقه عدد كبير من الاوروبيين، مشيرا الى ان التاريخ الاسلامي في اوروبا له جذور ضاربة في القدم وبخروج المسلمين من اوروبا مازال ذلك اثرا باقيا من خلال الحضارة العظيمة التي شيدها المسلمون في اوروبا والنظام الاسلامي الراسخ من خلال تأسيس المساجد والاسواق والطرق والنشاطات الانسانية كالزراعة والطب والصيدلة والقوانين منوها الى وجود عدد من الطرق مازالت تتوشح باسمها العربي حتى اليوم لافتا الى التميز الذي صاحب المباني بقرطبة حتى اليوم.

من ناحيته أعرب سعادة السفير الاسباني بقطر عن سعادته بقيام ندوة قرطبة في التاريخ الاسلامي مشيرا في الوقت نفسه الى ان اسبانيا ترتكز على تاريخ عريق وتمتلك حضارة عظيمة استطاعت من خلاها ان تتخذ مكانة مرموقة بين دول العالم.

واعتبر قرطبة بمثابة المدرسة الحضارية الكبيرة التي تخرج منها الجميع في مجالات الفلسفة والطب والعلوم منوها الى ان قرطبة تمتلك قيمة حضارية مدهشة في كافة المعارف والمجالات.
يذكر ان مركز الدوحة الدولي لحوار الاديان درج على تنظيم مثل هذا النوع من المحاضرات بهدف نشر ثقافة الحوار بقطر وتأسيس فهم مشترك يساعد في الوصول للاهداف النبيلة التي انشئ من اجلها. كما يهدف المركز من خلال هذا النوع من الندوات الى اتاحة الفرصة للمهتمين والباحثين للتعرف على الحضارات المختلفة من خلال توجية الدعوة لكافة اتباع الديانات في قطر للالتقاء تحت مظلته للاسهام في الحوار الحضاري الفاعل لصياغة حاضر البشرية المشترك.

(الشرق)

بدون تعليقات

Sorry, the comment form is closed at this time.